الذكاء الاصطناعي في وسائل التواصل: كيف تُختار المنشورات التي تراها؟

Ultra Sonk
By -
0

هل تساءلت يومًا لماذا تظهر لك منشورات معينة على فيسبوك، أو تغريدات محددة على تويتر (إكس)، أو فيديوهات جذابة على تيك توك؟ خلف هذه التجربة "الشخصية" يقف جيش من الخوارزميات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، تعمل ليل نهار لتحليل سلوكك وتوقّع ما يثير اهتمامك، بهدف إبقائك على المنصة لأطول فترة ممكنة.

في هذه المقالة، سنغوص في عالم الذكاء الاصطناعي في شبكات التواصل الاجتماعي، لنكشف كيف تتحكم الخوارزميات بما نراه، ولماذا نراه، وما هي تأثيرات ذلك علينا.


1. ماذا يعني "ذكاء اصطناعي" في وسائل التواصل؟

الذكاء الاصطناعي هنا لا يعني روبوتات تفكر مثل الإنسان، بل أنظمة برمجية معقدة تتعلم من بياناتك: ماذا تحب، ماذا تشاهد، وكم من الوقت تقضي على كل منشور. هذه الأنظمة تُعرف بـ "الخوارزميات التنبؤية" وتعتمد على تقنيات مثل:

  • تعلم الآلة (Machine Learning)
  • الشبكات العصبية الاصطناعية (Neural Networks)
  • تحليل البيانات السلوكية (Behavioral Data Analytics)

2. رحلة المنشور داخل الخوارزمية

عندما ينشر صديقك منشورًا، لا يتم عرضه تلقائيًا لجميع المتابعين. الخوارزمية تقرر من سيشاهده بناءً على عدة عوامل:

عوامل التقييم
  • الاهتمام السابق: هل تفاعلت مع هذا الشخص أو مع منشورات مشابهة؟
  • نوع المحتوى: هل هو فيديو، صورة، أم نص؟ (الفيديوهات غالبًا لها الأولوية).
  • الوقت: هل المحتوى حديث؟
  • نسبة التفاعل: هل حصل المنشور على تفاعل سريع؟

باختصار: المنشور يدخل في "اختبار جودة خفي"، وإذا نجح، يُعرض لعدد أكبر.


3. أشهر خوارزميات الذكاء الاصطناعي

تيك توك (TikTok)

يعتمد على نظام توصية فائق الذكاء يفهم اهتماماتك خلال دقائق من خلال تحليل مدة مشاهدتك، ما تعيد مشاهدته، وما تتخطاه بسرعة.

فيسبوك وإنستغرام (Meta)

تحلل تفاعلاتك (إعجاب، تعليق)، نوع المحتوى المفضل لديك، والصفحات التي تتابعها لتعيد ترتيب صفحتك الرئيسية وتعرض لك ما "يُحتمل" أن يعجبك أولاً.

يوتيوب (YouTube)

واحدة من أقوى خوارزميات التوصية، تعتمد على سجل مشاهداتك بالكامل، ما شاهدته حتى النهاية، وما بحثت عنه لتقترح عليك فيديوهات جديدة.


4. التأثيرات الاجتماعية والنفسية

فقاعات الرأي (Filter Bubbles)

عندما تعرض لك الخوارزميات محتوى يشبه ما تحبه فقط، فإنها تعزلك عن وجهات النظر المختلفة، مما قد يؤدي إلى تضييق الأفق الفكري.

الإدمان الرقمي

الخوارزميات مصممة لإبقائك أطول فترة ممكنة على التطبيق، مما يزيد من تعلقك بالمنصة ويصعّب تركها.

التأثير على الحالة النفسية

عرض منشورات مثالية عن المظهر والنجاح قد يؤدي إلى مقارنات سلبية، قلق، أو اكتئاب، خاصة لدى الشباب.


5. هل يمكننا التحكم بما نراه؟

نعم، ولو جزئيًا. بعض الطرق للتحكم في الخوارزمية تشمل:

  • التفاعل الواعي مع المحتوى (لا تعجب بما لا تريد رؤيته مجددًا).
  • استخدام أدوات "إخفاء منشور" و"عدم المتابعة".
  • تعديل إعدادات الخصوصية وتفضيلات الإعلانات.
  • استكشاف تطبيقات بديلة أكثر شفافية في التوصيات.

6. مستقبل الذكاء الاصطناعي في وسائل التواصل

التوجهات المستقبلية تشمل خوارزميات أكثر تخصيصًا، دمج الذكاء الاصطناعي التوليدي لإنشاء محتوى مخصص لك، وربما شفافية أكبر بفضل القوانين القادمة.


خاتمة

الذكاء الاصطناعي غيّر جذريًا طريقة تواصلنا وتفكيرنا. وبينما يوفر لنا تجربة مذهلة، يجب أن نتعامل معه بوعي ونقد، لا كمجرد مستخدمين سلبيين. في النهاية، أنت لست فقط مستهلكًا للمحتوى، بل أنت "البيانات" التي تصنعه.

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)